عندما تصبح الاستقلالية قيدًا
كم مرّة احتجت أحدًا… ولم تجد أحدًا؟
فتكرّر الخذلان حتى صار الألم أكبر من احتمالك،
وخِفت أن تحتاج إنسانًا ثم يُعيد لك الوجع نفسه.
ومن شِدّة هذا الخوف… بنيتَ قناع المستقلّ دائمًا
كي لا ينكسر قلبك مرّة أخرى.
يشبه الاستقلال عندك درعًا لا يمكن خلعه.
تفعل كل شيء وحدك، تحلّ مشاكلك بصمت،
وتخفي حاجتك كأنّ الاعتراف بها يقلّل منك.
تبدو قويًّا من الخارج،
لكن في الداخل هناك خوف عميق من أن تحتاج أحدًا
ثم تُترك في اللحظة التي تكون فيها أضعف.
كم مرّة اقتربت من طلب المساعدة… ثم تراجعت؟
كم مرّة قلت “سأتحمّل وحدي”
لا لأنك قوي، بل لأنك لا تحتمل وجع الخذلان مرّة أخرى؟
ولعلّ هذا القناع بدأ حين احتجت أحدًا في لحظة خوف أو ارتباك،
ولم تجد استجابة تمنحك شعور الأمان،
فتكدّس الألم في داخلك تدريجيًا
حتى صدّقت أنّ الاتكاء على نفسك هو الطريق الوحيد الآمن.
ومع الوقت…
صار هذا الاستقلال ثقيلًا.
صار عزلة.
وصار مسافة بينك وبين ما تحتاجه فعلًا.
وتذكّر أنّ الإنسان لم يُخلق ليحيا وحيدًا؛
فالدماغ لا يهدأ إلا حين يشعر بالارتباط،
والعزلة الطويلة تُرهق الجسد قبل الروح،
وكأنّ حاجتك للآخرين ليست ضعفًا… بل طبيعة لا يمكن إنكارها.
